الثلاثاء، 21 يوليو 2009

الأساطير عندما لا تتكرر

هناك أسماء مرت بتاريخ كرة القدم العالمية كان لأصحابها وجودا بارزا لم يقتصر على بقائهم في الملاعب بل استمر بعد ابتعادهم عن اللعب و في كثير من الأحيان استمر حتى بعد وفاتهم, هؤلاء النجوم عادة هم أيقونات تعتبر مقدسة لدى دولها و يكونون غالبا ممن تمتعوا بموهبة فائقة الروعة و أضافوا إلى تلك الموهبة إنجازات خلدت اكثر من أسمائهم و رفعتهم إلى مكانتهم العالية.
الأمر الممتع في هذه القضية هي انه ما أن تبتعد تلك الأسطورة عن الملاعب حتى يبدأ الجميع بالبحث عن أسطورة جديدة تكون بديلة لأسطورتهم متناسين أنه و دائما لكل منا شخصية و أسلوبا قد لا يتشابه مع أي من غيرنا و أن عمالقة اللعبة عبر العالم جميعهم تميزوا عن بعضهم بأمور هي التي جعلت منهم يحتلون المكانة التي هم عليها الآن.
الامثلة كثيرة على هذه الحالة التي لا تعتبر حكرا على شعب او عرق أو قارة بل إن للجميع عبر العالم أساطيرهم الخاصة بهم و بالتالي فإن للجميع رغبتهم باستنساخ مواهب جديدة تذكرهم بالاصل الذي أحبوا و عشقوا، أوروبيا كان هناك الكثير من الأساطير لكل دولة من امثال بيكنباور في ألمانيا و ريفا في إيطاليا و بوبي تشارلتون في إنكلترة و كرويف في هولندة, و جميعهم حصل لهم مثل البرازيل فلم يقدر ماتيوس أن يكون مثل بيكنباور و تخطى باجيو ريفا ليتحول هو إلى أسطورة الطليان بينما راوح كيغان و لينيكر و روبسون و بيكهام و روني كثيرا و لكنهم لم يقتربوا من تشارلتون العظيم , و في هولندة لمع غوليت و فان باستن و بيركامب و كوكو و رايكارد و كويمان و كلويفرت و نيستلروي و لكن أين الثرى من الثريا لدى مقارنتهم بكريف, و لكن في بلد أوروبي هو فرنسا كانت الأسطورة و لفترة طويلة هي ميشال بلاتيني الذي احتل قلوب و عقول الفرنسيين و مشجعي اليوفنتوس و عقول الناس لفترة طويلة و لا يزال الجميع يتذكر بمنتهى الروعة أهدافه في أمم أوروبا عام 1984 و أهدافه مع اليوفي و يتذكرون كيف استطاع منتخبهم بقيادته أن يتغلب على واحد من أفضل منتخبات أنجبتها البرازيل أبدا , و غير ذلك الكثير من لاعبهم الذي محى كل ذكرياتهم القديمة و أصبح بطلهم الذي يحبون, بعد اعتزاله تعذب الفرنسيون و تألموا و هم يبتعدون عن كأس العالم لاكثر من ثماني سنوات متتالية و قد توسموا خيرا في جان بيير بابان و لكنه خذلهم و لم يصبح اكثر من هداف متميز دونما تأثير على المنتخب و من ثم هاموا حبا بكانتونا العظيم و الذي كان يملك من الإمكانات ما يمكن له تعويض بلاتيني و لكن مزاجه المتقلب أثر على أدائه, و لكن و في عام 1996 و في بطولة أمم أوروبا بإنكلترة تسلطت الأضواء على لاعب فرنسي يحمل الرقم عشرة و هو زين الدين زيدان , تشابه زيدان مع بلاتيني كون أصوله لم تكن فرنسية فمثلما انحدر بلاتيني من أصول إيطالية كان لزيدان أصولا جزائرية و لعب زيدان فترة طويلة مع أندية فرنسية مختلفة مثل كان و بوردو لينتقل لاحقا إلى اليوفي نفس النادي الذي لعب له بلاتيني , و في المنتخب كان زيدان يلعب في نفس مركز بلاتيني تقريبا و لكن لم يتخيل أحد ممن رآه في تلك البطولة أنه و بغضون أقل من عامين سيزيح بلاتيني من قلوب الفرنسيين ليتربع وحيدا على قلوبهم كيف لا و الجميع رآه كيف قاد منتخبا فرنسيا لا يقارن من ناحية أسمائه بأولئك النجوم الذين لعبوا مع بلاتيني و برغم ذلك استطاع أن يحقق لهم كأس العالم و لم يكتفي بل و كان له الأثر الكبير عندما حقق هدفين في المباراة النهائية بمرمى البرازيل ليضع فرنسا في مصاف عمالقة الكرة الذين أحرزوا لقب المونديال, و من ثم لاحقا ساهم بشكل أساسي في فوز الفرنسيين بأمم أوروبا و من ثم كأس القارات مرتين متتاليتين, و في الوقت نفسه كان لانتقاله إلى ريال مدريد العامل الأساسي في فوز النادي الملكي بلقب دوري الأبطال عام 2002 و كان لهدفه في النهائي ضد باير ليفركوزن صدى هائلا عندما سجل هدفا يدل ببراعة أنه من طينة غير مسبوقة, و عندما اعتزل اللعب الدولي بعد أمم أروربا 2004 تعرض المنتخب الفرنسي إلى هزات كادت تطيح به و تحرمه التأهل إلى مونديال 2006 بألمانيا ليعود زيدان عن قرار اعتزاله و يقود المنتخب ليس إلى التأهل فحسب بل و قاده إلى نهائي المونديال و لم يخسر اللقب إلا بضربات الجزاء الترجيحية أمام الطليان بعد أن تعرض للطرد في واقعته الشهيرة مع المدافع الإيطالي ماتيراتزي, و اعتزل زيدان أخيرا متحولا إلى أسطورة أصبح الجميع بحاجة للبحث عن خليفة له مزيحا الأسطورة السابق بلاتيني عن مكانه في الصدارة .
بقلم : عاصم الجابر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق